ابني يريد أن يصبح يوتيوبر!

post-thumb

كل ما كان ابني يتحدث عن طموحاته في الصغر كنت دائماً أزرع فيه فكرة مساعدة الناس. وأنه في عمله المستقبلي يجب أن يمارس يومياً عملاً فيه فائدة للغير… من مبدأ الخلق كلهم عيال الله وأحبهم إلى الله أنفعهم لعباده… ومن مبدأ أننا خلقنا على هذه الأرض لنعمرها بما يرضي الله...

ماما أريد أن أصبح طياراً… رائع حبيبي يمكنك حينها نقل المسافرين والبضائع واسعاد الناس بملاقاة أحبائهم… ماما أريد أن أصبح معلماً… رائع يا حبيبي حينها ستعلم الأطفال علماً نافعاً يبقى معهم مرجعاً طوال حياتهم… ماما أريد أن أصبح سائق شاحنة… رائع حبيبي حينها ستنقل البضائع من مكان إلى أخر وتسد حاجة الناس إليها… كنت أربط دائماً كل عمل بقيمته المجتمعية ونفعه على الغير… وليس بالنقود أو الدخل المادي…

واليوم يأتيني ابني بمشكلة عصرية… ماما أعرف أن اليوتيوبر يجنون الكثير من النقود… وهذا شي رائع وسهل… ولكن للأسف لا أعرف كيف يفيدون بذلك الناس! قالها بحسرة من نوع خاص… حسرة الراغب في امتهان هذه الموجة التي تعد بالربح السريع بجهد قليل والمحتار في المعضلة الأخلاقية المسماة مساعدة الغير… توجد لحظات في التربية تشعر فيها أنك انتصرت… أو أنك نجحت… وهذه كانت احداها… لو لم أزرع فيه في صغره أهمية العمل في اعمار الأرض ومساعدة الناس، لا أظن أنني كنت سأقنعه الآن بعبثية أحلام التحول إلى يوتيوبر مع كل مغرياته في هذا العمر الصغير…

حوارنا كان بسيطاً بعدها ومقنعاً كما أتمنى… قلت له ببساطة… يمكنك أن تكون يوتيوبر وتساعد الناس… ولكنك لن تتمكن من فعل ذلك قبل التخصص وتعلم علم قيم تنشره بين البشر… تسلح الآن بالعلم وبعدها يمكنك احتراف هواية أو التخصص في اختصاص ما ونشر ذلك بين الناس… ولكن من يمتهن اليوتيوب وهو انسان فارغ من القيمة… سيقدم للناس التفاهة والفراغ… ولن يكتسب اثم وقته الذي يضيعه في صنع الفراغ فقط بل اثم أوقات آلاف البشر التي قد تجلس لتتابع لساعات كيف أتم فطوره أو مشى في حديقته أو حك أنفه…

لا أدري ما كان الوقع الدقيق لكلامي على قراره… ولا أدري كم من الوقت سيمر قبل نقاشنا القادم… ولكني سأبقى أحاول وأستمر في الزرع ما استطعت راجية من الله تعالى أن يحسن حصادي…