قل لي من تتابع أقل لك من أنت
هل حدث وانبهرت بأحد المؤثرين والأرقام الخيالية من الناس الذين يتابعونه وقررت أنت أيضاً أن تتابعه فضولاً أو رغبة في مواكبة الجميع؟؟
هل حدث أيضاً أنك تفاجأت في قيمة المحتوى الذي يقدمه وتعجبت من حصاده لمئات بل و لآلاف التعليقات على أفكار أو مشاركات غير ذات قيمة؟؟ قد تستغرب وتعتقد أنك أنت الخطأ أو المفزلك الذي لايعجبك العجب وينتهي الأمر فيك إلى التشكيك بنفسك وبمدى عصرنتك أو ربما بفهمك لهذا العالم الجديد الغريب…
الأكثر اثارة للعجب من هذا كله أنك “غالباً” ستستمر بمتابعة هذا المؤثر…
ربما لتبقى على اطلاع بالرائج في هذه الأيام ولكي لا تشعر بأنك خارج السرب…
ربما تحافظ على المتابعة لتنتقد وتتيقظ من الأفكار التي يحملها التيار هذه الأيام…
ربما تحافظ على المتابعة لأنك ببساطة تستكسل إلغائها أو لاتفكر بهذه الأشياء…
سأخبرك هنا لماذا تحافظ على المتابعة…
لأنك ببساطة قد تعودت على هذا المؤثر… واستمرأت نوعاً ما طريقة ونوعية كلامه…
زمان كان يقال أن الحب يأتي بعد الزواج وهو ما قد يحصل فعلاً… وهذا بالضبط الذي يمكن أن يحصل مع المؤثرين… أن الإعجاب يأتي من المتابعة المستمرة ومن الألفة التي يحملها المؤثر معه ومن الطريقة التي يخاطب فيها كل متابع وكأنه صديقه الحميم…
ستحافظ على المتابعة لأنك ببساطة مع الوقت قد أصبحت متعلقاً به أو باستعراضه لحياته لأنه يرضي عندك وعند جميع الناس فضولاً خفياً في مشاهدة ما وراء الأبواب المغلقة…وإنه أيضاً بذلك قد كون تلك العلاقة الخفية بينك وبينه التي تشعرك وكأنك من أقرباءه المقربين… خاصة أن بعض المؤثرين مستعدون لأن يطلعوك على تفاصيل شخصية قد تنحرج من مصارحة نفسك بها!…
هنا يا صديقي لا أخفيك سراً ستقع في شرك التأثر… ستتأثر بهذا المؤثر شئت أم أبيت…
يمكنك أن تقرر من تتابع أو من لا تتابع ولكن لا يمكننا أن نقرر بمن نتأثر أو لا نتأثر
ستفعل ذلك بدون قرارصريح منك… وكلما ازدادت متابعتك لهذا المؤثر ومشاهدتك لحياته أو سماع كلامه ستجد نفسك تستمرء معتقداته رويداً رويداً.. وتقارن حياتك بحياته دون تخطيط… وتتقبل دون تفكير بعضاً من الأفكار التي كانت مسبقاً ضمن منطقة الخطوط الحمراء بالنسبة إليك…
ستتأثر لأن التأثر ببساطة هو فعل غير واعي نقوم به… لا أحد منا يختار أن يتأثر أو أن لا يتأثر…التأثر مثله مثل الحب أو الغضب أو الانزعاج… مشاعر لا نتحكم بها ولا سلطان لنا عليها… ما يمكن أن تنحكم به فعلاً هو المتابعة…
لذلك لا تستهون أو تستخف بقرار متابعتك لأي كان…
وقبل أن تتابع أحداً اصرف بعض الوقت لتفقد منشوراته… ستورياته… عن ماذا يتحدث وماذا سيضيف إليك… والأهم من هذا وكله أن تلقي نظرة خاطفة على الحسابات التي يتابعها.. أو التي يتأثر بها المؤثر… واعرف أنها ستؤثر فيك بالتعدي…
الموضوع ليس بهذا التعقيد… ونحن مسؤولون أمام الله عما ندخل في عقولنا وما نسمح له بالتأثير فينا؟؟؟ ألم يقل الله تعالى في كتابه الكريم “قد أفلح من زكاها” وأعتقد أن من أبواب تزكية النفس في العصر الحديث هو صونها من مشاهدة التوافه ومن ضياع الوقت بما لايضر ولا ينفع… وتحكيم العقل ومرجعيتنا الأخلاقية قبل أن نتابع فلان أو فلانة…
ولنتذكر أن الخيار موجود دائماً في متناول أيدينا…متمثل بزر صغير يسمى إلغاء المتابعة…